الثلاثاء، 31 مارس 2015

القانون يساعد نصابي التحكيم الدولي !



                                                                       



بالطبع يتمتع النصابون بذكاء كبير فهم يعرفون كيف يلعبون علي مشاعر الناس و كيف يستغلون الثغرات القانونية جيداً، و لأن أهم ما يعتز به الإنسان هو مظهره الإجتماعي فقد وجد النصابون أرضاً خصبة من بين من يريدون  إستباق أساميهم بلقب مستشار تحكيم دولي أو قاض إتفاق أو غيره من الألقاب،و هؤلاء الضحايا تتنوع دوافعهم للحصول علي كارنيهات التحكيم الدولي بين رغبة في إضافة لقب تشريفي إليهم أو في تحسين وضع إجتماعي أو وظيفي  كما يعتقدون أو يتمنون، فإنتشرت المراكز و الجهات التي تُعلن عن إعطاء دورات تدريبية في التحكيم الدولي و منح كارنيهات و شهادات معتمدة من الجامعات المصرية و الدولية و وزارة الخارجية مقابل مبالغ مالية تتفاوت حسب شطارة كل مركز بين مئات الجنيهات إلي ألوفها في أوقات تدريبية قصيرة.

مستشار .. و قاضي :

و يعتقد الناس أن لقب مستشار الذي تمنحه هذه المراكز هو لقب قضائي و هو اعتقاد غير سليم فالمستشار لغة هو أي  شخص يُلقي بالمشورة إلي آخرين كالإبن الذي يستشير أبيه في موضوع ما فحينها يكون أباه مستشاره في هذا الأمر! أما القاضي فيلزم أن يكون من أعضاء السلك القضائي، و هكذا نجد أنه يتم تلاعب بالمصطلحات إذ أن إطلاق صفة المستشار علي القضاة هو مجرد شئ متعارف عليه عند الناس لا أساس قانوني له.


الثغرات القانونية هي السبب:

و يبرر بعض أصحاب مراكز تدريب التحكيم الدولي قانونية ممارستهم إستناداً إلي أن القانون رقم 27 لسنة 1994 لم يحدد المؤهلات التي تدرس التحكيم و هو ما فتح الباب إلي حصول مؤهلات متوسطة علي لقب مستشار.و يتدارك بعض المراكز هذا  الأمر باعطاء لقب مستشار تحكيم دولي لأصحاب المؤهل العالي و لقب مُحكِم لأصحاب المؤهلات المتوسطة.

 و يقولون أن مراكزهم تعطي شهادات موثقة من الخارجية المصرية و من الجامعات المصرية و هو ما يضفي الصفة الرسمية علي شهاداتهم و يؤكد صحتها. لكن توثيق الخارجية  لا يعني كما توحي هذه المراكز أن هذا إعترافاً رسمياً من الدولة بصحة اللقب الذي يناله الحاصل علي الشهادة فأي  مركز تدريبي معتمد لديه سجل ضريبي و بطاقة ضريبية يقوم بتسجيل نفسه لدي وزارة الخارجية لاعتماده لديها لتوثيق شهاداته لديها فالتوثيق ليس اعترافاً بصحة الشهادات كما يُعتقد خطأ و هو ما يتضح فيما بعد بعدم اعتراف الدول الخارجية بهزه الشهادات .
 أما إعتماد الشهادات من جامعات مصرية أو أجنبية فكشفت العديد من قضايا النصب قيام مراكز بتقليد أختام الجامعات أو التعاون مع موظفين بداخلها بشكل غير رسمي!

كما يقوم بعض المدرسين بالجامعات بالتدريس في المراكز الخاصة بتدريب التحكيم الدولي و هو ما يثير الشكوك حولهم حيث يقول الدكتور محمود كبيش عميد كلية الحقوق بجامعة القاهرة أن المحكم الدولي لابد أن يتدرب علي أيدي شيوخ القضاء و من لديهم إمكانية التحكيم الدولي و شاركوا في التحكيم في قضايا دولية. و بالتأكيد فما يقوم به هؤلاء المدرسون ليس إلا " نحتاية " بالمصطلح الشعبي لتوسيع الرزق .. و لا يجدون بالطبع من يحاسبهم.


مفاجآت :

و يفجر الدكتور حمدي عامر المحكم الدولي و الخبير القانوني و المحكم في قضايا مترو الانفاق بين مصر و فرنسا ان المحكم الدولي القانوني في مصر لا بد ان يكون مسجلاً في وزارة العدل و أن عدد المحكمين الدوليين المسجلين في مصر  هم 313 فقط و غير ذلك ليس معترفاً بهم. كما أن المحكم الدولي لابد ان يكون دارساً للقانون التجاري الدولي و اللغة الإنجليزية و الإي سي سي الفرنساوي.


و كما اتضح من العرض السابق فإن الثغرات القانونية  و ضعف رقابة الدولة علي هذه الأنشطة المشبوهة تُسهل الطريق علي النصابين للإيقاع بالمزيد من الضحايا.  فهل تتخذ موقفاً حازماً أم تترك لهم  الدولة الحبل علي الغارب ؟!


                                                              ( محمد مجدي )
                                                                              يناير 2015
                                                                اللواء العربي

0 التعليقات:

إرسال تعليق